إن قلت: قضية الطائفة الثالثة هي الطهارة.
قلت: هي أيضا ظاهرة في إفادة حكم النوع دون الفرد، فالاطلاق الافرادي في الكل ممنوع.
اللهم إلا أن يقال: إن قضية الأصل الأولي هو العموم الافرادي، وفي الأولى والثانية - للقرينة العقلائية - يرفع اليد عنه. ولكنه لا يتم في الثالثة، فعليه يتعين طهارة بول الجلال والموطوء.
ومما ذكرناه يظهر حال ما إذا فرضنا العموم الافرادي للطائفة الأولى دون الثانية، وبالعكس، وهكذا الثالثة، والأمر - بعد ما أشير إليه - سهل.
والذي هو الاشكال الآخر في المسألة ما مر منا: وهو أن روايات نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه، قاصرة دلالة عن إثبات ذلك على الاطلاق، لأن عنوان " ما لا يؤكل لحمه " أعم من المحرم الذاتي، والمحرم العرفي، أي: المتروك طبعا أكله، كما أشير إليه (1) في الأخبار الكثيرة (2)، ولا عموم فوقاني يرجع إليه، كما مر مرارا (3)، فيتعين طهارة بول الجلال والموطوء، إلا خوفا من مخا لفة الاتفاق والاجماع، فقضية الصناعة من جميع الجوانب هي الطهارة قويا، فلاحظ وتأمل.