منافع الناس كذا وكذا، وليس لبن الميتة منها، ضرورة أن الطباع تتنفر منه طبعا. وربما يؤيد النجاسة هذا الأمر الارتكازي، وأن الالتزام بالطهارة الشرعية لأجل سائر الأحكام في غاية الندرة، فالقول بطهارته مشكل جدا، لإباء النفوس عنه، وانزجار الطباع من مثله. وأمثال هذا لا يثبت طهارته مع الخلاف الجلي الذي عرفت (1).
هذا، وما يدل على الطهارة موافق للتقية، لأن الرأي العام في عصر الصادق (عليه السلام) وفي بلاط الخلفاء، رأي أبي حنيفة، وهو يقول بالطهارة (2)، وما تدل عليها في أخبارنا كلها عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقد عاصره أبو حنيفة، فما ترى من حمل أخبار النجاسة على التقية (3)، غير صحيح حسب التأريخ، فلا تخلط.
بل النجاسة مقتضى الكتاب، لما عرفت (4): من أن الأجزاء داخلة في حكم الميتة، بناء على أعمية الحرمة من النجاسة، لاستناد الحرمة إلى الذات، فلا بد من ممنوعية الذات بجميع آثارها البارزة والظاهرة، فلا تكن من الغافلين.