هذا مع أن الالتزام بالتخصيص في خصوص هذه المسألة، من الغفلة والذهول، وذلك لأن هم الفقيه في مباحث مسوغات التيمم، الجمع بين المسوغات المختلفة، وإرجاعها إلى أمر واحد: وهو عدم تمكنه من المائية عقلا أو شرعا، فلو كان في مورد يجوز التيمم مع إمكان المائية شرعا وعقلا، يلزم النقض على ما توهموه جامعا، لا التخصيص، لعدم وجود عام أو مطلق يفيد ذلك، فلا تخلط.
الثالثة: في أجوبة استصحاب نجاسة بعض الأعضاء غير المعين بناء على جواز التوضي بالكيفية المزبورة، فلا يشترط عدم وجود ماء ثالث معلوم الحال، لأن وجه الاشتراط ليس إلا الوجوه المذكورة في منع تكرار العبادة، أو لزوم تقديم الامتثال التفصيلي على الاجمالي، وتلك الوجوه خالية عن التحقيق، حسب ما يؤدي إليه النظر الدقيق.
وقد يشكل الامتثال بالكيفية المزبورة التي بنينا فيها على جريان قاعدة الطهارة بعد عدم جريان الاستصحابين: بأن الاغتسال بالماء الثاني لا يمكن إلا تدريجا، ضرورة أن الجسم لا يعقل تطهيره إلا بالارتماس، أو إيراد الماء عليه، والكل يستلزم التدريج عرفا وعقلا، فإذا وقعت يده في الماء الثاني، أو ورد الماء عليها، يعلم إجمالا: بأن بعض أجزائه وأعضائه نجس، إما بنجاسة هذا الماء، أو بنجاسة الماء الأول، والتطهير بالماء الثاني لا يستلزم قصورا في جريان استصحاب نجاسة بعض أعضائه غير المعين (1).