فعليه يلزم سقوط تلك الأدلة عن الحجية، ولا أقل من الشك المستند، أي الشك الذي له المنشأ العقلائي.
ولعمري، إن طهارة البئر بحسب الأخبار، غير قابلة للانكار، وغير مخفية على أحد، فكيف التزموا بالنجاسة، فهل هذا إلا لأمر آخر وصل إليهم، من البناء العملي للسالفين، المنتهي إلى رأي المعصوم صلوات الله تعالى عليه، وكان لا يقاومه الرواية والروايات، ولو كانت صريحة كما ترى؟!
فما ذكرناه في مطاوي الكلمات سابقا - مماشاة مع الأعلام - غير راجع إلى التحصيل، حسب ما يؤدي إليه النظر البدوي.
وجه لالتزام الأصحاب قديما بالنجاسة واعراضهم عن أخبار الطهارة نعم، والذي يخطر بالبال، ولعل به ينحل الاشكال، أن يقال: إن فتوى الجمهور - كما عرفت - على النجاسة، وهذا هو الرأي المعروف بينهم من العصور السابقة إلى عصر الأئمة المتأخرين، - سلام الله تعالى عليهم -، وقد نفذ في المسلمين وأعلامهم هذا الرأي السخيف، وكانت فتوى المعصوم (عليه السلام) على خلافه، ولكن عملهم وعمل أتباعهم على التحرز عند التنجس تقية، وهذا العمل الخارجي من الأئمة (عليهم السلام) وأتباعهم، قد حكي للمتأخرين، من غير التوجه إلى جهة ذلك وسره، فاشتهر بين العصور المتأخرة هذا، حتى ظنوا ذلك، واعتقدوا بها، وعند ذلك لم يمكن لهم التجاوز عنه بالرواية الظاهرة في الطهارة، لكونها خلاف عملهم