الوجه الأول: ارتكاز العرف فإن المغروس في الأذهان أن الماء الوارد يحمل نجاسة المحل وقذارته، لا أنه ينفيه ويعدمه، وبعد المراجعة إلى تنفر الطباع عن مثله، يظهر أن بناء العرف والعقلاء على التجنب، وليس النجس إلا ما كان قذرا عند العرف، ولم يدل دليل على طهارته الشرعية، لأن هذه المفاهيم موكولة إلى العرف.
فقوله (عليه السلام): " كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر " (1) دليل على أن كل قذر يجب الاجتناب عنه بحسب الحكم الواقعي، وأما القذارات العرفية القائمة على طهارتها النصوص الخاصة، فهي كالقذارات الشرعية الملحقة بها شرعا للنص.
فبالجملة: مقتضى هذا التقرير، أن كل قذر عرفي نجس شرعا إلا ما خرج بالدليل.
وأما ما اشتهر " أن كل نجس لا بد فيه من الدليل الشرعي، وإلا فليس بنجس شرعا، فهو غير تام.
أقول: يرد عليه:
أولا: أن هذا الدليل غير واف بتمام المطلوب، لأن من الغسالة ما ليس بقذر عرفا، كغسالة النجس الشرعي، ومجرد كون بعض الغسالات