وهذه غير نقية السند، وكون ابن عبد الرحمن من أصحاب الاجماع غير مفيد، لأن ذلك في مثلها لا يورث الوثوق، لأن لازم الأخذ بعموم العلة خروج موردها، وهذا لأجل أن مجرد الأكثرية في الوزن غير صحيح، والأكثرية بحسب الغلبة - وأن الماء الغالب على النجس، لا ينجس حسب ما تقرر منا في أخبار الكر (1) - يستلزم كون الماء المستنجى به خارجا، لعدم بقاء عصمة الماء بهذه الملاقاة.
اللهم إلا أن يقال: إن الاستنجاء المسؤول عنه فيها، هو الاستنجاء من البول، والماء المستعمل يكون أكثر بالمعنى المزبور، فيكون دليلا على المطلوب، فما في كتب المتأخرين " من أن هذه الرواية مطروحة، للزوم القول بعدم الانفعال " (2) في غير محله، لما عرفت في محله أن الماء القليل منفعل، ولكن ليس المراد من " القليل " ما بنوا عليه، فراجع (3).
فبالجملة: الرواية بناء على تماميتها سندا ودلالة، لا تفي بتمام المقصود وهو طهارة غسالة النجس على الاطلاق، بل المناط كون الماء المغسول به النجس أكثر وأغلب على المتنجس، بحيث يعتبر عند العرف فناؤه في جنسه، فلا تخلط.
ثم إنه لا يبعد دعوى: أن ترك الاستفصال يورث الاطلاق، فيكون موردها الاستنجاء الأكبر أيضا، فيشكل تمامية الدلالة.