المرسوم الخلافي لمحمد بن أبي بكر، وودعوه وساروا، فتفاجؤوا في الطريق برسول من دار الخلافة يحمل رسالة سرية بختم عثمان إلى الوالي الأموي يأمره بالاستمرار في عمله ومعاقبة الوفد المصري ومحمد بن أبي بكر! فعادوا إلى المدينة حانقين، وحاصروا عثمان في دار الخلافة، مطالبين أن يخلع نفسه!
ويدلنا حديث الطبري على أن التشيع وعقيدة وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قد وصلت في زمن عثمان إلى مصر، وتبناها عدد بارز من أهلها بقيادة بعض الصحابة، وأن وفدهم مع ابن عديس البلوي، كانوا في جو التشيع والوصية!
كما يدلنا على أن الأمويين استعملوا عقيدة رجعة النبي صلى الله عليه وآله التي يقول بها الشيعة مادة للتشهير بأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، لأنه لا مردود سياسيا بارزا لها مثل عقيدة الوصية وغصب القرشيين للخلافة!
الثالثة شوهت الرواية سبب الخلاف بين معاوية وأبي ذر، وصورته كأنه خلاف على تسمية بيت المال! فقد أقنع ابن السوداء أبا ذر بأن تسمية معاوية له بمال الله تحريف، لأن اسمه بيت مال المسلمين، وأن معاوية أفحم أبا ذر بأن الله مالك كل شئ! وكأن التسمية هي المشكلة! بينما المشكلة ادعاء معاوية أن اسم بيت مال المسلمين غلط لأنه ليس ملكهم! بل هو بيت مال الله ومعاوية خازن مال الله وقاسمه من قبل الله، فإعطاء معاوية ومنعه بإرادة إلهية، فلا لوم عليه ولا حساب!
وكذلك قول الرواية إن أبا ذر حرك الفقراء على الأغنياء، فقد أخفت أن أولئك الأغنياء هم معاوية ومن حوله من الأمويين، وعثمان ومن حوله منهم، وأن ثروتهم كانت بيت المال وغنائم المسلمين المليونية والمليارية، في حين كان في المسلمين من يموت من الجوع والعري! وقد تعرضنا لذلك في سبب