من عيسى، قال: فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها. ثم قال لهم بعد ذلك: إنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي وكان علي وصي محمد. ثم قال: محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء. ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله (ص) ووثب على وصي رسول الله تناول أمر الأمة). انتهى.
ومن الواضح أن المعذرين لمعاوية وضعوا هذه الروايات على لسان الفقعسي وابن السوداء، سواء كان لهما وجود أم لا، ليقولوا إن أبا ذر إنسان بسيط، وقد لعب عليه يهودي من صنعاء، فحركه ضد معاوية وعثمان! وأن ابن السوداء حاول نشر مذهبه في الحجاز والبصرة والكوفة والشام، فلم يستطع إضلال المسلمين وإقناعهم بأن النبي صلى الله عليه وآله أوصى لعلي عليه السلام وأن بني أمية خالفوا وصية النبي صلى الله عليه وآله وغصبوا خلافته! ويقصدون بابن السوداء عبد الله بن سبأ لعنه الله، الذي روت مصادرنا أنه كان مغاليا في علي عليه السلام حتى ادعى له الألوهية! فاستتابه علي عليه السلام فلم يتب، فقتله. وقد نفى الكاتب العلماني المصري طه حسين أصل وجود ابن السوداء، واعتبره أسطورة اخترعها بنو أمية لحاجتهم إلى طرف ثالث يتحمل مسؤولية تحريك الصحابة والمسلمين ضد بني أمية، ودفعهم إلى قتل عثمان. وتبنى بعض العلماء كالسيد العسكري هذه النظرية وألف فيها كتابا.
وحديث ابن السوداء هنا يدلنا على أن الأمويين كانوا يعتبرون المصريين الذين حاصروا عثمان بقيادة الصحابي عبد الرحمن بن عديس البلوي هم الذين قتلوه! وبالفعل كان المصريون أشد عليه ممن شارك معهم في محاصرته وهم: جماعة البصرة، وجماعة الكوفة، ومن التحق بهم من أهل المدينة!
والسبب أن المصريين غضبوا غضبا شديدا لغدر عثمان بهم، بعد أن اتفقوا معه على عزل الوالي الأموي لمصر وتولية محمد بن أبي بكر بدله، وكتب عثمان