في سبب ذلك أشياء كثيرة، وأمورا شنيعة كرهت ذكرها). انتهى.
ونسجل هنا ملاحظات: الأولى أن الطبري خاف من ذكر الرأي الآخر، لأن معاوية كان له محبون شرسون في بغداد في عصر الطبري (توفي 310 هجرية) رغم أنه عصر عباسي! لكن ينبغي أن نشكر الطبري لأنه نص على أن ما يذكره هو رأي محبي معاوية وعثمان، وأن مخالفيهم أنصار أهل البيت عليهم السلام وأبي ذر رحمه الله لهم رأي آخر، وعندهم أشياء كثيرة لا يستطيع ذكرها، وأنهم رووا أمورا شنيعة ارتكبها عثمان ومعاوية مع أبي ذر رحمه الله.
الثانية أشار الطبري بكلامه إلى أنه لا يثق بقصة محبي معاوية عن الشخص المزعوم (ابن السوداء) ونسبتهم اليه أنه كان المحرك لأبي ذر رحمه الله! فقد وصف ذلك بأنه قصة قالها محبو معاوية، وكتبها اليه مراسله: (فأما العاذرون معاوية في ذلك، فإنهم ذكروا في ذلك قصة، كتب إلي بها إلي السري)! ومما يؤيد تشكيك الطبري أن راويها يزيد الفقعسي مجهول عند كافة علماء الجرح والتعديل!
ثم روى الطبري عن هذا الفقعسي (3 / 378) أن ابن السوداء هو مؤسس مذهب التشيع ومدعي وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام! قال: (فيما كتب به إلي السري عن شعيب، عن سيف، عن عطية، عن يزيد الفقعسي قال: كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء، أمه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام! فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم فقال لهم فيما يقول: العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمدا يرجع، وقد قال الله عز وجل: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد، فمحمد أحق بالرجوع