أقول: وقد رأيت أن بخاري لم يروها كاملة ولا قال كما نقل عنه ابن كثير! إلا أن تكون نسخته محرفة!
وقد نص الواقدي أيضا على أن أبا ذر كان قائدا في معارك فتح الشام قال في فتوح الشام: 2 / 254: (ثم حمل من بعده العباس بن مرداس، ثم من بعده أبو ذر الغفاري، ثم تبادر المسلمون بالحملة، فلما رأى الروم ذلك أيقظوا أنفسهم في عددهم وعديدهم وتظاهروا البيض والدرع، ولم يزل القتال بينهم حتى توسطت الشمس في قبة الفلك). وقال أيضا في: 2 / 583: (ثم استدعى من بعده أبا ذر الغفاري، وأمره على خمسمائة فارس، وسلمه الراية فتوجه وهو يقول:
سأمضي للعداة بلا اكتئاب * وقلبي للقا والحرب صابي وإن صال الجميع بيوم حرب * لكان الكل عندي كالكلاب أذلهم بأبيض جوهري * طليق الحد فيهم غير آبي). انتهى.
بل تدل الروايات على أن أبا ذر رحمه الله سكن الشام من أول حكم عمر، مشاركا في الفتوحات، وعاد منها في زمن عثمان، ثم نفاه عثمان إلى الشام لمدة سنة، ثم أعاده ونفاه إلى الربذة، فبقي فيها سنتين أو أكثر حتى توفي غريبا سنة 32 هجرية. وهذا يعني أنه قضى نحو عشرين سنة في الشام.
* * أما دور أبي ذر رحمه الله في فتح مصر فيدل عليه ما روته أكثر مصادر الحديث من أنه كان يمرغ فرسه ويروضه، فسألوه عن حبه له فقال: (ليس من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ربه فيقول: رب إنك سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي في يده، اللهم فاجعلني أحب إليه من أهله وولده، فمنها المستجاب ومنها غير المستجاب، ولا أرى فرسي هذا إلا مستجابا). رواه أحمد: 5 / 162، و 170، والنسائي: 6 / 223، وفي الكبرى: 3 / 36 وسنن البيهقي: 6 / 330، وعلل أحمد: 3 / 404، وعلل الدارقطني: 6 / 266، وسنن سعيد بن منصور: 2 /