وتحقيق الكلام في هذه الجهة يستدعى البحث في نواح ثلاث:
الأولى: في اخذ العلم موضوعا لجواز الشهادة.
الثانية: في أنه على تقدير موضوعية العلم فهل هو مأخوذ بنحو الصفتية أو الطريقية؟.
الثالثة: في قيام الامارات مقام القطع الموضوعي.
اما موضوعية الأولى - أعني العلم لجواز الشهادة - فلا اشكال فيها ولا ارتياب لدلالة الاخبار الكثيرة عليها. هذا ولكن يقرب جدا: أن يكون المنظور في الاخبار النهى عن الشهادة استنادا إلى التخمين والحدس الظني الذي كثيرا ما يستند إليه المخبرون، ولا نظر لها إلى اعتبار العلم بالمخبر به، كما لا يخفى على من لاحظها والامر هين.
واما الناحية الثانية - وهي كيفية اخذه وانه بنحو الصفتية أو الطريقية، فالكلام فيها يبتنى على القول بامكان اخذ العلم موضوعا بأحد النحوين.
اما من لا يرى امكان اخذه بنحو الصفتية وانحصاره في جهة الطريقية، فهو في سعة عن الكلام فيها.
وذلك كالمحقق الأصفهاني (قدس سره)، فإنه افاده في تقريب ذلك بان: اخذ العلم في الموضوع معناه اخذه بمميزاته عن الصفات الأخرى.
فالملحوظ فيه هو الجهة المميزة له عن غيره، والا فلو اخذ بلحاظ بعض الجهات المشتركة بينه وبين غيره، لا يكون اخذا له في الموضوع، بل اخذا للجامع المشترك بينه وبين غيره.
ولا يخفى ان الجهة المميزة للعلم التي هي بمنزلة الفصل له هي جهة الطريقية والكشف التام. فان بها يكون العلم علما ويكون مبائنا للظن وغيره من الصفات.
فمعنى اخذ العلم في الموضوع اخذه بهذه الجهة، إذ لا جهة أخرى تميزه عن باقي الصفات.