وقد تقدم منا في مباحث القطع: ان هذا التقريب غير مانع من امكان اخذ العلم بأحد النحوين.
ومحصل ما ذكرناه هناك: ان العلم وان كان فيه جهة واحدة هي المميزة له عن سائر الصفات النفسية وبها صار علما، وهي جهة الطريقية والكشف التام.
الا ان هذه الجهة تارة يترتب عليها الأثر بما هي هي ومع غض النظر عن الواقع المرئي بها والمنكشف بواسطتها. وأخرى يكون الأثر مترتبا عليها بلحاظ الواقع المنكشف بها. فالانكشاف في كلا الموردين موضوع للأثر، لكنه بنفسه وبلحاظ ذاته يكون كذلك في مورد وبلحاظ الواقع المنكشف به يكون كذلك في المورد الآخر.
وعليه، فاخذ العلم في الموضوع بما هو صفة خاصة معناه اخذ الجهة المميزة له بنفسها وبما هي. وأخذه بما هو طريق هو لحاظ الجهة المميزة فيه باعتبار كشفها عن الواقع، فكأن الواقع هو الملحوظ فيه وان كان العلم هو الموضوع حقيقة.
وإذا اتضح امكان تصور اخذ العلم بهذين النحوين ولو كان المميز للعلم جهة واحدة، فلا بد من تعيين انه على اي النحوين قد اخذ موضوعا لجواز الشهادة.
والذي يظهر من مساق الروايات الواردة في اعتبار العلم في موضوع جواز الشهادة هو اخذه بنحو الطريقية. فان الظاهر منها كون المنظور هو حفظ الواقع عن التغيير والتبديل، وان أخذ العلم انما هو للمحافظة على حقوق الناس وان الشهادة لا بد ان تكون على أساس ومستند ولا تكون مجازفة في القول وتهور كي تحفظ الحقوق عن الضياع.
واما الناحية الثالثة - وهي قيام الطرق مقام القطع الموضوعي -: فهو انما يتحقق بناء على القول بان دليل الامارة يتكفل تنزيلها منزلة العلم، لما تقدم من التمسك باطلاق دليل التنزيل في ترتيب جميع آثار العلم عليها. لكنك عرفت عدم ثبوت التنزيل المذكور لعدم وفاء الأدلة به. خصوصا في مثل اليد التي لا يعرف انها