وناقش في ذلك صاحب الكفاية مدعيا قصور الأدلة عن الالتزام بالترتيب وتقديم بعض المرجحات على بعض مع التزاحم، بيان ذلك: انه بناء على الالتزام بالتعدي لغير المرجحات المنصوصة - كما عليه الشيخ - فالمرجح هو الأقربية إلى الواقع أو الظن بالصدور - على الخلاف في ملاك التعدي - وهذه المرجحات ليست مرجحات بعنوانها الخاص، بل بعنوان ايجابها الأقربية أو الظن.
وعليه، فمع تزاحم المرجحين يلاحظ الأقرب إلى الواقع أو المظنون صدوره فيؤخذ به ان كان والا فالمرجع مطلقات التخيير. واما بناء على عدم التعدي والاقتصار فيه على المنصوص من المرجحات، فما قد يستدل به على الترتيب هو المقبولة ونحوها، الا انه لكثرة اطلاقات الترجيح الخالية عن الترتيب والواردة مورد البيان، لا بد ان تحمل المقبولة على عدم كونها واردة لبيان حكم تزاحم المرجحات وعدم كونها ناظرة إلى ذلك المقام، بل هي لبيان ان هذا مرجح وذلك مرجح لا أكثر، لعدم صلاحيتها لتقييد المطلقات. وعليه فمع التزاحم لا دليل على الترتيب في تقديم أحدهما على الاخر فالمرجح هو مطلقات التخيير.
واما ما ذكره الشيخ من تفرع مقام الجهة عن مقام الصدور، فقد ناقش فيه:
بأنه انما يتم ويجرى في الترتيب المدعى لو التزم بكون المرجح الجهتي مرجحا للخبر في ذلك المقام بخصوصه - أعني: مقام جهة الصدور - ولكنه غير صحيح، بل هو راجع إلى مقام الصدور وترجيح صدور أحد الخبرين على الاخر - وإن لم يوجب تقوية احتمال صدوره - وذلك لامتناع التعبد بالصدور مع الالتزام بصدوره عن تقية، فلا يمكن الالتزام بأن الموافقة للعامة تدل على كون صدور المتعبد به لتقية، للغوية التعبد حينئذ لعدم ترتب الأثر المرغوب. فالمرجحات كلها ترجع إلى مقام واحد، وهو مقام الصدور، فلا تفرع لبعضها على بعض.
لكن الانصاف يقضى بعدم ورود ما ذكره صاحب الكفاية على الشيخ، وان نظر الشيخ إلى جهة أغفلها صاحب الكفاية في مقام الايراد. توضيح ذلك: ان احتمال