بالصدور وانسداد باب احتمال عدم الصدور يستلزم لا محالة تقديمه على ما يكون ظنيا في صدوره.
وتقريب ما ادعاه يتضح ببيان شئ وهو ان كل خبر وان كان يشتمل على مقامات ثلاثة: مقام الصدور وجهته والدلالة، الا ان التعبد مع احتمال المخالفة للواقع من هذه الجهات الثلاث تعبد واحد مفاده لزوم الاخذ به والبناء على أنه الواقع وعدم الاعتناء بما يوجب الخلل فيه صدورا أو جهة أو دلالة وليس التعبد يتعدد بتعدد المقامات ويستلزم كل منها إلغاء احتمال الخلل في مقام معين بخصوصه ومع كون الخبر قطعيا من بعض الجهات فالتعبد به يرجع إلى إلغاء احتمال الخلل في غيرها.
وعليه فإن كان الخبر مقطوع الصدور كان احتمال الخلل فيه أقل لأنه يكون من جهتين فقط فتقديم ذي المزية الجهتية على الآخر مع قلة احتمال المخالفة فيه يستلزم بالبداهة تقديمه على الآخر مع كثرة احتمال الخلاف فيه، كما إذا كان ظني الصدور لكون احتمال الخلاف فيه من جهاته الثلاث ثم إنه (قدس سره) أضاف إلى ذلك أن الموافق للعامة يدور امره بين عدم الصدور رأسا كما لو كان ظنيا لدلالة الاخبار على إلغائه وعدم صدقه، وبين الصدور للتقية كما لو كان قطعي الصدور، لدلالة الاخبار على أن ما سمع منهم يشبه قول العامة فهو تقية.
ويشكل هذا الأخير - بما ذكره المحقق الخراساني - بامتناع الدوران المذكور لاحتمال أن يكون الخبر الموافق صادرا لبيان الحكم الواقعي - كما لو كان الحكم الواقعي موافقا لقول العامة - والمخالف ليس بصادر أصلا أو انه صادر لكنه لم يرد به ظاهره ولزوم حمله على التقية أو البناء على عدم صدوره انما يتم في فرض كون المعارض المخالف قطعيا بجميع جهاته إذ يتعين معه كون الموافق اما غير صادر أو صادرا للتقية ومع عدم قطعيته بجهاته كلها - كما هو الفرض - لا دليل على دوران