الا انه يشكل:
أولا: بان ما ذكره السائل من أن أحدهما يأمره والاخر ينهاه انما كان على سبيل المثال لمورد الاختلاف بين الروايتين، لا ان المسؤول عنه هو هذا النحو من الاختلاف.
وثانيا: بأنه لو سلم ذلك، فليس المورد من موارد دوران الامر بين محذورين، لأنه انما يكون كذلك مع العلم بأصل الالزام، ولم يثبت ذلك للشك في حجية كل من الخبرين، فيمكن أن يكون الحكم غير الوجوب والحرمة كالإباحة.
فالتحقيق ان يقال: ان السؤال في الرواية ان كان عن العمل، وانه الفعل و الترك، كان قوله (عليه السلام): " فهو في سعة ظاهرا في إرادة التوسعة في مقام العمل ويكون مرجع ذلك إلى الحكم بالبراءة. وان كان السؤال عن الاخذ باحدى الروايتين، كان المزبور ظاهرا في إرادة التوسعة في مقام الاخذ باحدى الروايتين فيرجع ذلك إلى التخيير.
وتعيين أحد المعنيين من قوله (عليه السلام) انما يتم بتعيين جهة السؤال، وحيث إنه لم يظهر من الامر والنهى المفروضين في الخبر إرادة الامر الوجوبي والنهى التحريمي منهما - كي يصلح الكلام، لكون المسؤول عنه هو العمل لحصول التحير معه - فيمكن حملهما على الأعم من الامر الوجوبي والاستحبابي والنهى التحريمي والتنزيهي، بقرينة اطلاق الجواب وعدم تقييده بصورة الامر الوجوبي والنهى التحريمي، ومعه يتعين كون المسؤول عنه هو الاخذ بالرواية وكون المراد بالسعة التخيير، كعدم التحير والضيق في مقام العمل مع دوران الامر بين الوجوب والكراهة أو الحرمة والاستحباب أو الاستحباب والكراهة كي يحكم بالسعة، فلاحظ.
هذا، ولكن الانصاف انها غير تامة الدلالة، لورودها في مورد التمكن من لقاء المعصوم (عليه السلام)، مع أن قوله: " فهو في سعة... " متفرع على قوله: " يرجئه "،