الثالث: ان يرد المخصص على كل منهما ويكون بين المخصصين تناف، كما لو دل دليل على وجوب اكرام العلماء، ودل اخر على حرمة اكرامهم، ودل ثالث على وجوب اكرام عدولهم، ودل رابع على حرمة اكرام النحويين.
والموجود في مصباح الأصول: انه لا اثر للقول بانقلاب النسبة والقول بعدمه في هذه الصورة، إذ على القول بانقلابها تكون النسبة بين دليل وجوب اكرام العلماء ودليل عدم وجوب اكرامهم بعد خروج العالم النحوي من الأول وخروج العالم العادل من الثاني هي العموم من وجه، حيث يجتمعان في العالم العادل النحوي، ويفترقان في العالم العادل غير النحوي وفى العالم الفاسق النحوي، فيحكم بوجوب اكرام العالم العادل غير النحوي وبعدم وجوب اكرام العالم الفاسق النحوي، ويرجع إلى الأصول العملية أو الترجيح أو التخيير في اكرام العالم العادل النحوي.
واما على القول بإنكار الانقلاب، يسقط العامان من الاعتبار رأسا ويؤخذ بالخاصين، وحيث إن بينهما العموم من وجه يعمل بهما في مورد افتراقهما ويرجع إلى الأصول العملية أو الترجيح أو التخيير في مورد الاجتماع - وهو العالم العادل النحوي - فتكون النتيجة عين نتيجة القول بانقلاب النسبة انتهى (1).
ولا يخفى ما فيه، إذ يرد عليه:
أولا: ما تقدم من انه مع التنافي بين المخصصات بالعموم من وجه، لا وجه لتخصيص العام بها قبل علاج التعارض الحاصل فيما بينها، كما ارتكبه ههنا في مصباح الأصول.
وثانيا: انه مع تخصيص العامين بالخاصين بلا لحاظ تعارضهما قبلا، فلا يكون مورد التنافي والاجتماع هو: العادل النحوي " في المثال المذكور كما ذكره، كي ينتفى الفرق بين القولين القول بالانقلاب والقول بعدمه، إذ العادل والنحوي خارجان عن كلا العامين بعد التخصيص، بل المجمع ومورد التنافي يكون هو الفاسق