الأول: ما إذا كان المخصص مخصصا لأحدهما، فإنه يتقدم عليه وتنقلب النسبة حينئذ بين العام المخصص والعام الاخر من التباين إلى العموم والخصوص المطلق، فيخصص العام الاخر به، وذلك كما لو ورد: " أكرم العلماء " وورد: " لا تكرم العلماء " ثم ورد: " أكرم العلماء العدول "، فان الأخير يخصص دليل: " لا تكرم العلماء " بغير مورده، وهو العلماء الفساق، وحينئذ يكون أخص مطلقا من دليل:
" أكرم العلماء " فيخصصه أيضا بغير مورده.
ومن هذا الباب أدلة ارث الزوجة من العقار، فان منها ما يدل على ارثها منه مطلقا (1)، ومنها ما يدل على عدم ارثها منه مطلقا (2)، ومنها ما يدل على ارث خصوص أم الولد (3)، فإنه يخصص ما يدل على عدم ارثها مطلقا، فتنقلب النسبة بين هذا الدليل وبين ما يدل على ارثها مطلقا، فيخصص به.
الثاني: أن يكون المخصص واردا على كل واحد منهما، مع عدم التنافي بين المخصصين أنفسهما، فيخصص بهما كلا العامين وتنقلب النسبة بينهما إلى العموم من وجه ويقع التعارض بينهما في مورد الاجتماع، نظير ما لو ورد: " أكرم العلماء " وورد:
" لا تكرم العلماء " ثم ورد: " أكرم النحويين " وورد: " لا تكرم الأطباء "، فان دليل:
" لا تكرم الأطباء " يخصص دليل: " أكرم العلماء " بغير الأطباء، ودليل: " أكرم النحويين " يخصص دليل: " لا تكرم العلماء " بغير النحويين، فتكون النسبة بين العامين بعد التخصيص العموم من وجه، إذ يفترقان في الطبيب غير النحوي وفى النحوي غير الطبيب - إذ الأول مورد افتراق: " لا تكرم العلماء " والثاني مورد افتراق " أكرم العلماء " - ويجتمعان في غير الطبيب وغير النحوي كالفقيه، فان أحدهما يدل على حرمة اكرامه والآخر يدل على وجوبه.