انه ليس التنافي بين شمولية أحد الاطلاقين وبدلية الاخر، لما عرفت من أن الالتزام بالشمول لا يوجب التصرف في البدلية، بل التصرف في متعلقها وهو الطبيعة المرسلة، ولذا يرتفع التنافي بمجرد تقييد الطبيعة مع المحافظة على أصل البدلية وكون الموضوع أحد الافراد، فالتنافي انما هو بين الشمول والاطلاق، والشمولية هي الموجبة لحصول التنافي.
إذا عرفت ذلك يتضح الوجه في تقدم المطلق الشمولي على البدلي، لان دلالة الاطلاق البدلي على الشمولي بمقدمات الحكمة.
وقد عرفت - بالمقدمة الأولى - انها انما تقتضي الشمول والعموم مع عدم الدليل أو ما يصلح للدليلية على الخلاف.
وعرفت - بالمقدمة الثانية - ان الشمولية التي هي منشأ التنافي والتصادم - كما هو مقتضى المقدمة الثالثة - تعلم بقرينة خارجية ودليل أجنبي عن مدلول الكلام.
وهو صالح لتقييد الاطلاق البدلي، فيكون متقدما عليه لا محالة، اما لانهدام الاطلاق البدلي أو لقيام الحجة الأقوى على خلافه.
ويمكن استظهار هذا من كلامه (قدس سره) بما افاده من: انه بتقديم الاطلاق الشمولي لا يتصرف في البدلي، فإنه ظاهر في أن البدلية ليست محل التنافي، فتقديم الشمولية لا يوجب التصرف فيها، فلاحظ.
وبهذا لا وجه حينئذ للايراد عليه بأنه وجه استحساني، أو ان الاطلاق الشمولي معارض باطلاق شمولي اخر.
إذ قد عرفت أن تقدمه عليه ليس لمحض الاستحسان، بل لانهدام اطلاقه أو عدم شمول دليل الحجية له.
كما أن الاطلاق الشمولي الاخر ثابت من مقدمات الحكمة بالدلالة الالتزامية، وهي منهدمة أو معارضة بما هو أقوى منها دلالة، وهي القرينة العقلية على الشمول.