وذلك لان موضوع الحجية - على الفرض - هو أحدهما. فالجائز ترتيب اثار هذا العنوان فقط. ولا يخفى ان ما يتكفل لاثبات خصوص وجوب الظهر أو الجمعة مثلا هو الفرد بخصوصه لا بما أنه أحدهما، فلا يصح الالتزام بما يؤديه الفرد عملا إذ ما قامت عليه الحجة هو الجامع، كالوجوب مثلا. اما خصوصية وجوب الظهر أو غيرها فلم تقم عليه الحجة.
وبالجملة: فالجائز هو ترتيب اثار ما يشترك في بيانه كلا الدليلين، كأصل الوجوب. اما خصوصياته التي يختلف الدليلان في بيانها، فهي ليست من مؤديات الجامع، بل من خصوصيات الافراد، فلا وجه للالتزام بها في مقام العمل لخروجها عن مقتضى الحجية.
وثانيا: انه لا معنى للتخيير بهذا المعنى في بعض الموارد، كما لو دل أحد الدليلين على الوجوب والاخر على الحرمة، فإنه لا معنى للالتزام بان الحجة هو الجامع بين الدليلين المذكورين، إذ لا جامع بين مدلوليهما كي يلتزم به مقتضى حجية الجامع، فلاحظ.
واما التخيير بمعنى سنخ وجوب مشوب بجواز الترك، بان يقال فيما نحن فيه:
ان الحجية ثابتة لكل من الدليلين لكنها سنخ حجية ضعيفة متوسطة بين الحجية واللا حجية.
فلانه - مع قطع النظر عن عدم تعقل ذلك في نفسه، إذ الكلام فيه يحتاج إلى بسط مقال لا يسعه المجال - يقال: ان المقصود من الحجية أو معناها - بأي معنى كانت من أن المجعول هو المؤدى فيترتب عليه المنجزية والمعذرية، أو الطريقية، أو نفس الحجية - هو ترتب المنجزية والمعذرية على الحجة، فمع اجتماع الدليلين وحجيتهما في أنفسهما بهذا السنخ من الحجية الضعيفة يدور الامر بين ان تترتب المنجزية على كلا الدليلين مطلقا، أو لا تترتب مطلقا، أو تترتب على تقدير دون آخر.