منتقى الأصول - تقرير بحث الروحاني ، للحكيم - ج ٧ - الصفحة ١٧٣
وعليه، فاما ان تحمل الرواية على بيان حكم تعبدي بإلغاء الشك في الركوع إذا وجد الانسان نفسه مشغولا بالهوي إلى السجود ولو لم يكن من مصاديق قاعدة التجاوز. واما ان تحمل على تحقق الشك بعد السجود لا قبله ويكون المراد بقوله:
" اهوى إلى السجود " هو الكناية عن سجوده. والاحتمال الأول بعيد جدا بل يقطع بخلافه فيتعين الثاني (1).

(١) ثم إنه يقع الكلام في موردين:
المورد الأول: في جريان قاعدة التجاوز مع الدخول في جزء مستحب كالشك في القراءة بعد الدخول في القنوت.
وتحقيق الكلام: انه اما ان نلتزم بان القنوت جزء مستحب بالتصوير المتقدم في أواخر مبحث الصحيح والأعم، واما أن لا نلتزم بذلك، ونقول باستحالته كما ذهب إليه بعض ونلتزم بأنه مستحب في واجب.
فعلى الأول: تجرى قاعدة التجاوز في القراءة.
وعلى الثاني لا تجرى. وذلك لان التجاوز عن المحل المعتبر في قاعدة التجاوز لا يتحقق الا إذا فرض اخذ المشكوك سابقا على المدخول فيه بان اعتبر سابقيته عليه كما اعتبر تأخر المدخول فيه عنه.
والا فمجرد الدخول في الغير المترتب المعتبر تأخره عن المشكوك لا يوجب صدق التجاوز عن محل المشكوك، لعدم اخذ المشكوك سابقا عليه، فلم يفت محله، ولا يصدق التجاوز عنه.
ولذا بينا ان قاعدة التجاوز لا تجرى في صلاة الظهر مع الشك فيها بعد الدخول في صلاة العصر، لعدم اعتبار سابقيتها على صلاة العصر فيها وان اعتبر ذلك في صلاة العصر، نعم بمقدار شرطيتها لصلاة العصر تجرى فيها قاعدة التجاوز.
وعلى هذا فإن كان القنوت جزء للواجب بحيث يشمله الامر المؤكد على ما قربناه، كان يعتبر في القراءة المتعلقة لهذا الامر ان تكون سابقة على القنوت، فإذا دخل في القنوت تحقق التجاوز عن القراءة فمع الشك فيها تجرى القاعدة.
واما إذا لم يكن القنوت جزء بل كان مستحبا ظرفه الصلاة. فهو وان اعتبر فيه أن يكون مسبوقا بالقراءة. لكن لم يؤخذ في القراءة ان تكون سابقة على القنوت ولذا لو تركه لا يلزم اخلال في القراءة. ومقتضاه ان الدخول في القنوت لا يحقق التجاوز عن القراءة لعدم فوات محلها، فلا تجرى قاعدة التجاوز فيها مع الشك الا بمقدار تصحيح القنوت بها، لأنها بهذا المقدار مما تحقق التجاوز عنه، كما في مثل صلاة الظهر وصلاة العصر. فتدبر.
المورد الثاني: في جريان قاعدة التجاوز في مثل السجدة إذا شك فيها وهو في القيام للثالثة مع علمه بنسيان التشهد.
والحق عدم الجريان ووجهه: ان المعتبر في التجاوز الدخول في ذات الغير المترتب - كما عرفت -. ومن الواضح ان القيام المترتب على السجود هو القيام المسبوق بالتشهد لا مطلق القيام. فمع العلم بعدم تحقق التشهد يعلم بان هذا القيام ليس هو القيام المترتب بذاته على السجود، فلا يتحقق به التجاوز عن محل السجدة.
وهذا الوجه هو العمدة. لا ما ورد في بعض الكلمات من لغوية القيام شرعا في تنزيله منزلة العدم، أو انه بالعود إلى التشهد يكون الشك شكا في المحل. فتدبر. هذا حكم ما لو علم بترك التشهد.
اما لو شك فيه أيضا بان شك في الاتيان بالسجدة والتشهد فله صورتان:
إحداهما: ان يشك فيهما بنحو التلازم وبشك واحد، بان كان يدور امره بين الاتيان بهما معا وتركهما معا.
والأخرى: ان يشك في كل منهما بشك مستقل بلا تلازم بينهما.
اما الصورة الأولى: فالحكم فيها أن لا تجرى فيها قاعدة التجاوز لا في السجدة ولا في التشهد.
اما في السجدة فلانه مع الشك في تحقق التشهد لا يعلم ان القيام الذي هو فيه هو المترتب على السجود أو غيره، كما أشرنا إليه، فلا يجوز تحقق التجاوز، فيكون من موارد الشبهة المصداقية لعموم القاعدة.
وأما في التشهد، فلعدم احراز تجاوز المحل بالنسبة إليه وذلك لان المعتبر في التشهد أن يكون بعد السجود وقبل القيام، فمحله ما بين السجدة والقيام، فمع الشك في تحقق السجدة لا يحرز تجاوز محل التشهد عند الدخول في القيام، لان تجاوز محله يتوقف على تحقق السجدة، والمفروض تحقق الشك فيها. ومن هنا يظهر الحال في الصورة الثانية وانه لا مجال لجريان قاعدة التجاوز في السجدة ولا في التشهد.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 175 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست