وأما الثانية، فهي: " قلت لابي عبد الله رجل رفع رأسه عن السجود فشك قبل أن يستوى جالسا فلم يدر اسجد أم لم يسجد؟ قال (عليه السلام) يسجد قال: فرجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوى قائما فلم يدر اسجد أم لم يسجد؟ قال (عليه السلام): يسجد (1).
وهاتان الروايتان غير متباينتين منطوقا لاختلاف موردهما.
وانما الكلام في نسبتهما مع رواية إسماعيل بن جابر.. فمن يذهب إلى اعتبار الدخول في مطلق الغير بمقتضى الاطلاق - كالمحقق الأصفهاني - كان في سعة لان غاية ما يترتب على قوله هو خروج الدخول في النهوض عن الاعتبار بمقتضى الرواية الثانية بالتقييد لان المستفاد من رواية إسماعيل قاعدة كلية يقيد اطلاقها في هذا المورد.
ولا محذور فيه ولا التواء هذا مع أن التأمل في الرواية الثانية يقرب حملها على قاعدة الفراغ وذلك لأنه في سؤاله الأول فرض رفع رأسه عن السجود ثم تحقق الشك وهو ظاهر في وقوع السجود منه فشكه في السجود وعدمه لا بد ان يرجع إلى الشك في أنه سجد واحدة أو اثنتين ولكنه لا يتلاءم مع تقييد الشك بما قبل الاستواء جالسا إذ لا يختلف الحال في ذلك بين كونه قبل الجلوس أو بعده مع أن ظاهر النص كون المشكوك فيه نفس ما رفع رأسه عنه.
وعليه فاما ان تحمل الرواية على إرادة رفع رأسه عن السجود متخيلا ذلك ثم شك فيه أو تحمل على إرادة الشك في صحة سجوده الواقع ويمكن ان ينفى السجود بانتفاء بعض خصوصياته المعتبرة فيه فالشك فيها يصحح قوله: " اسجد أم لم يسجد " - كما ورد في بعض النصوص انه لا سجود لمن لم يصب انفه بما يصبب جبينه وهو مستعمل عرفا وليس ببعيد وفى مثله يحتمل الفرق بين الجلوس وما