الترك - كما هو المختار وفاقا لصاحب الكفاية (1) -، فان طلب الترك بملاك المصلحة فيه يرجع إلى وجوبه كما في مورد الصوم لوجوب الترك فيه لمصلحة فيه.
وعليه، فصور النهي المتصورة لا تعدو الثلاثة..
لان المفسدة إما ان تكون في صرف وجود الفعل بالمعنى الأصولي لصرف الوجود وهو أول الوجود، كما لو أراد الشخص ان ينام ساعتين وكان بحيث إذا استيقظ لا يستطيع النوم بعد ذلك، فإنه يكره صرف وجود الكلام الموجب لايقاظه بمعنى أول وجوده.
أما إذا تحقق الكلام واستيقظ لا يكره الكلام بعد ذلك، ومقتضى ذلك هو تعلق الطلب بترك صرف وجود الكلام، فينهي عبيده أو أولاده عن صرف وجود الكلام، فلو تكلموا واستيقظ فلا نهي منه عن تكلمهم.
وأخرى: تكون المفسدة في كل فرد من افراد الفعل وهو واضح، فيتعلق الطلب بترك كل فرد فرد على حدة.
وثالثة: تكون المفسدة في مجموع افراد الفعل في زمان خاص، كما إذا كان الشخص يتأذى من مجموع افراد الفعل الواقعة في ساعتين لا أقل، فيتعلق النهي بمجموع الأفعال الراجع إلى طلب ترك مجموع الافراد في الزمان الخاص.
وهذه الصور تختلف في مقام الامتثال..
فالامتثال في الصورة الأولى لا يتحقق الا بترك جميع الوجودات، لان ترك صرف الوجود لا يتحقق إلا بترك الكل، إذ لو جاء بفرد واحد تحقق صرف الوجود، فليس للنهي فيه الا إطاعة واحدة وعصيان واحد.
وأما في الصورة الثانية، فالانتهاء عن كل فرد يكون إطاعة مستقلة لتعلق الطلب بتركه خاصة، فالنهي فيه له إطاعة متعددة وعصيان متعدد.