ثابتا واقعا أم لا، فان حكم العقل بقبح التشريع موضوعي لا طريقي. والالتزام بالثاني لا ينفعه، إذ الفرض عدم الوصول فيما نحن فيه، فيترتب عدم جواز الاستناد والاسناد، لكن لا ينفع في نفي الحجية الواقعية الذي حاول الشيخ وتابعه هو (قدس سره) لنفيها بنفي جواز الاستناد.
وعلى كل فيقع الكلام في جهات:
الجهة الأولى: في أن الشك في الحجية هل يلازم القطع بعدم حجيتها أو لا؟.
وقد عرفت أن صاحب الكفاية ذهب إلى ذلك، فنفى الحجية جزما عند الشك في ثبوتها، لان آثار الحجية لا تترتب الا على الحجة الواصلة، فمع الشك لا وصول فلا اثر.
ووافقه المحقق النائيني في هذا المدعى لكنه ذكر أنه ليس المراد اخذ العلم بالحجية في موضوعها بحيث لا تكون حجة واقعا مع عدم العلم بها، فإنه واضح الفساد، إذ الحجية كغيرها من الأحكام الوضعية والتكليفية لا يدور وجودها الواقعي مدار العلم بها، بل المراد بعدم ترتب آثار الحجية عليها من المنجزية والمعذرية لكونهما منوطتين بالعلم أو ما يقوم مقامه (1).
أقول: إذا لم يكن للحجية اي اثر في حال الشك فيها، وكانت آثارها منوطة بالعلم بها، فأي وجه يوجب جعل الحجية واقعا؟، مع أن الحكم الوضعي انما يجعل بلحاظ ما يترتب عليه من الآثار.
وتحقيق الكلام: هو ان ما قيل من أن الشك في الحجية يلازم القطع بعدم الحجية مسلم في الجملة لا مطلقا. بيان ذلك: ان الحجية المشكوكة قد تكون في معرض الوصول إليها بالفحص أو بغيره، ففي مثل ذلك تكون منجزة بوجودها