صورة القطع مع كونه مغفولا عنه، فليتأمل جيدا.
ومن هنا يظهر مواضع الخلط (1)، وما في كلام العلامة العراقي (قدس سره) وأن الشبهة لا تختص بلزوم اجتماع المحبوبية والمبغوضية، بل يلزم اجتماع الحرمة والوجوب (2)، ويمكن دفع ذلك من غير حاجة إلى ما في كلامه مما لا يرجع إلى معنى تام، وكلام قابل للتصديق، ولولا مخافة التطويل لكشفنا النقاب عنه، فراجع.
فتحصل لحد الآن: أن المانع العقلي من تحريم الشرع قابل للدفع وإنما الكلام فيما يكون دليلا عليه إثباتا:
الأدلة الإثباتية على حرمة الفعل المتجرى به الوجه الأول: أن المستفاد من الأدلة الأولية والخطابات الإلهية المتوجهة إلى الأمة الإسلامية، هو أن الخمر المعلوم محرم، وهذا إما لأجل دعوى فهم العقلاء والعرف ودعوى الانصراف.
أو لأجل المقدمة العقلية، وهي أن طبيعة الخمر - بما هي هي وطبيعتها ملحوظة في حال القدرة والعجز - ليست قابلة للتحريم بالضرورة، فيكون المحرم هي الحصة المقدورة، وهي الحصة المعلومة، ضرورة أن الحصة المجهولة ليست مقدورة، لامتناع فرض القدرة بالقياس إلى المجهول.
فعلى هذا، يكون المتجري عاصيا، لأنه - حسب هذا التقريب - ارتكب ما هو المحرم، وهو الخمر المعلومة خمريته (3).