جدا، وموافق لذوق الأخباريين في باب الأخذ بالأخبار، وخروج عن ديدن العرف في اتباع الطرق والروايات.
بقي شئ: حول تعارض السنة المفتى بها مع الصحاح المعرض عنها مقتضى مقبولة عمر بن حنظلة حجية الرواية المشهورة، وذلك إما لأن موردها الخبر المشهور، أو لعموم الدليل والتعليل، وهكذا قضية إطلاق مرفوعة زرارة السابقة (1).
فهناك تعبد خاص خارج عن نطاق البناءات العقلائية، ولازمه وجوب الأخذ بتلك الصحاح، فتقع المعارضة بين الصحاح المعرض عنها، والسنة المفتى بها، وكلاهما مشهوران، فيرجع إلى سائر المرجحات.
أقول: أما مورد الخبر، فلا شبهة في أنه الخبر المعمول به والشهرة العملية، ضرورة أنه بين الرشد، وأنه لا ريب فيه.
وأما عموم التعليل فلا ينفع، لأن الخبر المعرض عنه لا يكون مما لا ريب فيه، بل فيه كل الريب، ولا يكون إلا بين الغي، فإن نقل الأصحاب رواية في كتبهم، وإعلانهم خلافها بالإفتاء على ضدها، يورث كونها بينة الغي في محيط العرف، والشرع ليس مؤسسا في هذه الساحة، ولا يريد من هذه الجمل ومن خبر التثليث (2)، إلا ما يفهمه العقلاء، فإذا نظرنا إليها، نجد أن المرفوعة والمقبولة، ليستا إلا في موقف يقفه العقلاء.