نعم، لو قلنا: بأن مجرد الشاهد من الكتاب والموافقة إجمالا كاف للأخذ بالخبر الأعم يكون لحفظ الخبر أثر، فتأمل.
بقي شئ: في اختصاص الأخبار السابقة بعصر الأئمة (عليهم السلام) يظهر لي بعد التدبر في الآثار، قوة كون الأخبار في هذه المسألة، ناظرة إلى المؤمنين في عصر الأئمة (عليهم السلام)، وتكون الخطابات من القضايا الخارجية المخصوصة بتلك الأعصار، لعدم تمكنهم من التمييز في تلك الأقطار المظلمة المدسوس فيها الخبر، حتى حكي عن بعضهم بعد ما استبصر: أنه دس في الأخبار اثني عشر ألف حديثا (1)، فإن ذلك والأمر بالرد إليهم الظاهر في تمكنهم من ذلك، يشهد على الاختصاص، لعدم تهذيب السقيم من الصحيح والطيب من الخبيث، والحق من الباطل، مع تمكنهم من حل مشاكلهم العملية بالرجوع إليهم مشافهة أو مكاتبة.
وأما بعد قيام أصحابنا المحققين بتهذيب الأخبار، وتشخيص المعتبر من غير المعتبر، والمدسوس من غير المدسوس، فلا يكون محل للحاجة إلى عرضها على الكتاب، ولذلك تجد أنهم يأمرون بالعرض على الكتاب، سواء كان من الفاجر، أو البر، مع ما في أخبار حجية الخبر الواحد في الجملة مما يدل على حجية خبر البر (2)، فتأمل في ذلك، لعلك تجد إليه سبيلا، وعليه شواهد أخرى.
نعم، فيما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (3) لا يأتي ذلك، ولكن مضمون الخبرين المنقولين عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) موافق للتحقيق، لأن المخالف بالتباين يطرح إلا إذا قام الاجماع أو الشهرة، فإنه تقييد لإطلاق الخبرين. ومن اللطيف عدم وجود الخبر