وقبل تحري بحثه لا بأس بالإشارة إلى بعض جهات، لتوضيح نكات:
الجهة الأولى في المراد من التجري لغة واصطلاحا اعلم: أن " التجري " هو الجرأة على المولى لغة، ويشترك فيه العصيان.
واصطلاحا: هو أن يخالف الحكم المقطوع به الإلزامي، تحريما كان، أو إيجابا، مع كون القطع مخالفا للواقع.
وهو ذو مراتب، والمرتبة العليا منه مخالفة الحكم المقطوع به، كما إذا شرب الماء المقطوعة خمريته، والمقطوعة حرمته، ثم تبين - على سبيل منع الخلو - أنه ماء، أو أن الخمر ليس بحرام مثلا.
والمرتبة الدنيا مخالفة العلم العادي المتعلق بحلية شرب التبغ، مع كونه موافقا للواقع، فإن من كان محتاطا في هذه المرحلة، لا يكون متجريا على المولى بالضرورة، بلحاظ الاحتمال الموجود في البين، ومن لا يحتاط، وكان يحتمل احتمالا موهوما - وإن كان مأمورا في الشرع بطرحه - فإنه يعد متجريا عند العقل