الشريعة، فإنها تكون أمارة، لا كالأمارات:
أما أنها أمارة، فلترتب آثارها عليها.
وأما أنها ليست كسائر الأمارات، فلأنها ليست عقلائية كاشفة نوعا، فهي أيضا كسائر الأمارات في الآثار، كما لا يخفى.
وسيمر عليك احتمال كون جميع الأمارات العقلائية بناءات عقلائية، ومسألة الكشف والأمارية عن الواقع مما لا أساس لها، لا شخصيا، ولا نوعيا، بل هذا الأمر من الغرائب الموجودة بين الناس، وتفصيله إن شاء الله تعالى في كتاب الظن (1) (2).
الجهة الثالثة: في قيام الأمارات مقام القطع المأخوذ تمام الموضوع فربما يمتنع ذلك، لأجل أن العلم المزبور يرجع إلى الصفتية، ويخرج عن الطريقية، ضرورة أن كون العلم تمام الموضوع، يلازم أن يكون الواقع في جنبه كالحجر في جنب الانسان، فلا يبقى على الطريقية، وعلى هذا لا تقوم الأمارات مقامه بمجرد قيام الدليل على اعتبارها.
وبالجملة: ما يظهر من القوم من قيامها مقامه إذا كان مأخوذا على الطريقية ولو كان تمام الموضوع (3)، في غير محله.
اللهم إلا أن يقال: بأن المأخوذ في الدليل على الطريقية، إذا كان تمام الموضوع، يرجع إلى أن الواقع وإن لم يكن له المدخلية في الموضوع الشرعي، ولكنه مما لا بد منه، لما أنه بدون ذلك الموضوع لا يحصل العلم، وبدون الواقع