وبالجملة: ما هو الانصاف قصور هذه الوجوه عن إفادة المقصود، وهو كون أدلة القاعدتين دالة على التعبد المزبور، فإن المنساق من مجموعها - مع مساعدة الاعتبار - هو الإمضاء بعد التجاوز والفراغ، فيكون ناظرا إلى المشكوك فيه بطرح الشك بعد التجاوز، وعدم الاعتداد به، من غير كونه بصدد إحداث اليقين التعبدي في ظرف الشك.
والذي يسهل الخطب: أنه لا يوجد في موارد القاعدتين مورد ينفع قيامهما مقام القطع الطريقي الموضوعي، أو الصفتي. وأما قيامهما مقام القطع الطريقي المحض، فهو معناه: أنه كما إذا كان قاطعا بإتيان الجزء بعد التجاوز لا يكون عليه شئ، كذلك الأمر إذا شك بعد التجاوز، فيترتب عليه آثار القطع بعدم الإعادة لزوما، أو جوازا.
الجهة السابعة: قيام أصل الحل والطهارة أو الاستصحاب مقامه بناء على كونه للتعبد بالحكم المماثل في ظرف الشك، فالذي لا ريب فيه، أنه لا معنى لقيامه مقامه بما أنه طريق أو صفة، ضرورة أن الأصول العملية ليست ذات كشف تكويني، ولا تعبدي، وليست أدلتها متعرضة لإفادة العلم واليقين، كما هو الواضح.
نعم، قد عرفت: أن من صفات القطع واعتباراته العقلائية، التنجيز والتعذير، وهذه الأصول يمكن أن تقوم مقامه من هذه الجهة.
مثلا: في صورة القطع بطهارة الحيوان الكذائي يصح بيعه، ولو كان مكلفا بالبيع لأجل الانفاق مثلا، يكون التكليف المزبور منجزا، وهذا القطع أيضا معذر إذا كان بحسب الواقع ذلك الحيوان نجسا، فعليه إذا شك في نجاسة الحيوان المتولد من الحيوانين، فيبني على طهارته وعلى حليته، حسب القاعدتين، ويترتب عليه آثار