الحجية، فإنكارها لا يمكن عند العقلاء إلا بإنكار الصغرى، فاغتنم.
ثبوت الحجية الذاتية للظواهر إذا تبين ذلك فالحق: أن نفي حجية الظواهر بالمرة، في حكم الامتناع، وقد مر منا وجهه في ذيل كلام ابن قبة (1)، وعليه لا نحتاج إلى الإمضاء الآخر، كما اشتهر ذلك في القطع، وأنه حجة ذاتا، فحجية الظواهر في الجملة ذاتية، حسب مصطلحهم في حجية القطع.
وأما الاستدلال لحجيتها بالدليل اللفظي، فهو من الدور.
وأما الاستدلال بالسيرة، فهو غير محتاج إليه بعد ضروريتها العقلية، الراجعة إلى أن نفي حجيتها، يوجب الاختلال الذي يفر منه الشرع قطعا، وهذا هو السند الأقوى من السيرة، فأصل حجية الظواهر في الجملة، كما تكون ذاتية بالمعنى الذي مر، ليست محل الخلاف والإشكال.
وأما توهم إمكان الاستدلال بالدليل اللفظي المقرون بالقرينة لحجية الظاهر غير المقرون، فهو وإن كان صحيحا، ولكنه مجرد فرض، لأن التفصيل بين ذي القرينة وغيرها، لم يعهد من أحد، فتأمل.
ثم إنه يتوجه إلى التمسك بالسيرة العقلائية: أن من شرائط ذلك إمكان ردع الشرع عن تلك السيرة، وهو محل منع، لأن ردعها لا يمكن إلا باللفظ المشكوكة حجيته.
نعم، يمكن أن يقال: بإمكان الردع عن التواتر الموجب للقطع بعدم حجية الظواهر، وهذا يكفي لأن يكشف من عدمه ارتضاء الشرع بها، فتأمل. هذا تمام