بنحو المعلوم بالإجمال، للزوم اجتماع المثلين، أو الضدين، فلا يعقل أن يكون موضوع الأصول العملية، عنوانا أعم من وجه من العناوين الواقعية أيضا.
ويتوجه إليه أولا: أنه في الصورة الأولى، يمكن منع لزوم اجتماع المثلين، لأن الذات مباحة، والمباح ليس من الأحكام، فلا علم إجمالي بالمناقضة، الأعم من اجتماع المثلين، أو الضدين.
وثانيا: هذا التوهم من توهمات بحث اجتماع الأمر والنهي، حيث يتخيل سراية الحكم من العنوان إلى العنوان، ومن المعنون الذاتي إلى سائر جهات المعنون، ومنها: العنوان المتحد معه المقابل له في الحكم. وإذا كان موضوع الأصول العملية عنوان " المشكوك " بما هو مشكوك - أي مشتبه الخمر بما هو مشتبه من حيث الحكم - فما هو مصب التحليل والرفع هو هذا العنوان، من غير أن يكون الذات المنطبق عليها العنوان مصب الحلية بما هي ذات، حتى يلزم اجتماع المتقابلات فيها.
فعليه ما هو مصب التحريم هي الذات الأعم، وما هو مصب التحليل هو المشكوك الأعم، فلا تقع المخالطة بين المصبين في محط الجعل والتشريع، ولا في الخارج، كما تحرر وتقرر تفصيله في بحوث الاجتماع (1)، فراجع.
بحث وتحقيق في منجزية العلم الاجمالي قد تبين فيما سلف: أن الأصحاب - رضوان الله تعالى عليهم - تمسكوا لتنجيز العلم الاجمالي بالوجدان من غير إقامة البرهان، وأن قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا تجري في المقام، لأن العلم بيان وجدانا (2).