المقام الثالث: في تقاريب تحرير الأصل وقد عرفت تصوير الشك في الحجية من غير كونه مساوقا لعدم الحجية (1)، فإن ما هو الحجة شرعا بحسب الواقع، مشكوك الحجية قبل الفحص، ولا يكون هذا الشك مساوقا للقطع بعدمها، ويكون الواقع حجة إذا اقتحم في خلافه، لا الشك قبل الفحص.
إذا تبين ذلك، فإليك تحرير الأصل بتقاريب:
التقريب الأول: ما في " الرسائل " وإجماله أن لحرمة العمل والتعبد، يكفي نفس الشك في الحجية، فلا مورد لاستصحاب عدم الحجية، لما لا يترتب على الإحراز الاستصحابي أثر عملي، وقد تحرر اشتراط الأثر في التعبد به (2)، انتهى ملخص مرامه (قدس سره).
وبعبارة مني: إن الآثار الثابتة للحجية، منتفية عن مشكوك الحجية من غير لزوم إحراز عدم حجيته واقعا، لأن الواقع لا أثر له يخصه، فمشكوك الحجية مشتبه المصداق، وآثار الحجية لا تترتب على المصداق المشتبه، فإذا كان جواز التعبد والتدين من آثار الحجة، فما دام لم تثبت حجية شئ لا يثبت الجواز، فيكون ممنوعا ترتب تلك الآثار بالضرورة.
وأما حرمة التعبد بالمشكوك، فللأدلة الأربعة: من الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل.
أقول: ما هو البحث الأصولي ويناسب المقام، إثبات انتفاء آثار الحجة عن