الجهة الثانية في أن مسألة التجري فقهية إن مسألة التجري من المسائل الفقهية، لأن البحث حول حرمته، وعدم حرمته، أو حول كون العبد مستحقا للعقوبة عقلا وعدمه، حتى يترتب عليه فسقه، وعدم قبول شهادته، فيكون بحثا صغرويا محتاجا إلى الإثبات، إما بدعوى شمول الأدلة الشرعية والقوانين الكلية له، أو بدعوى كشف العقل في مورده - لأجل الملازمة - حرمته الشرعية، أو لأجل أنه قبيح، ويكون من مصاديق القاعدة الكلية:
" وهي أن كل قبيح عقلي يستحق العبد العقوبة عليه ".
فما يظهر من بعضهم: من احتمال كونها أصولية أو كلامية (1)، خال من التحصيل جدا، ضرورة أن الخلط بين المسألة الفقهية وبين دليلها، غير جائز.
وبعبارة أخرى: يتفحص الأصولي في هذه المسألة عن إمكان شمول الإطلاقات للتجري وعدمه، لا عن الدليل وحجيتها، كما هو الظاهر، وهكذا يتفحص عن إمكان إدراج التجري في قاعدة استحقاق العقاب على القبيح وعدمه، ولذلك ليس قبح العصيان أيضا من المسائل الكلامية، فإنها بحث كلي حول عنوان القبيح، واستحقاق العقوبة عليه، من غير تعرض لخصوص مصداقه، عصيانا كان، أو تجريا،