المسألة الثانية في كسر الشهرة العملية للروايات الصحيحة المخالفة إذا كانت تقابل الشهرة العملية روايات صحيحة، فهل تكون كاسرة بالنسبة إليها، وموجبة لسقوطها عن الحجية، ولورود الوهن عليها، أم لا؟ وجهان.
ولا يخفى: أنه لا تلازم بين الجابرية والكاسرية، لإمكان عدم كونها جابرة، للاحتمالات التي مرت (1)، ولكنها كاسرة، لكونها موجبة للشك في الحجية، ولا إطلاق لأدلة حجية خبر الواحد على وجه يشمل مثل ما نحن فيه، بعد قصور بناء العقلاء جدا.
نعم، إذا كانت جابرة تكون طبعا كاسرة، بعد كون الأخبار موجودة عندهم، ومذكورة في كتبهم.
وبالجملة: إعراض الأصحاب عملا عنها، موجب لوهنها بلا إشكال.
ولو قيل: يحتمل استنادهم إلى الخبر من باب الترجيح بعد المعارضة (2)، فتكون المسألة من صغريات إعمال الاجتهاد، فلا يثبت الوهن بالنسبة إليها.
وبعبارة أخرى: تارة يصرحون بعدم صحة تلك الأخبار، وأخرى: يسكتون عنها، ولا يعتنون بمضمونها، كما هو المفروض، فإذا كان الأمر كما أشير إليه، فلا يثبت الوهن في السند، وعندئذ لنا ترجيح الطائفة الموجودة الصحيحة على الرواية المعمول بها المنجبر سندها بعملهم.