الجهة الرابعة في المختار من حكم التجري من الأقوال والوجوه التي ذكرناها يظهر: أن البحث يقع في مسائل لا يجمعها بحث واحد، وذلك لأن البحث تارة: يكون في أن التجري - بما هو هو - هل يكون حراما شرعا، أو قبيحا عقلا، ويستحق العقوبة عليه، أم لا؟ من غير النظر إلى الفعل المتجرى به، لما عرفت: أن من التجري ما لا يكون له الفعل المتجرى به.
وأخرى: يكون في أن الفعل المتجرى به، هل يمكن أن يكون محرما شرعا، وهكذا إلى آخره؟
وثالثة: في أن الفعل المتجرى به إذا كان بحسب الواقع واجبا، هل يسقط أمره ولو كان عباديا، أم لا، أو يفصل بين فرضي التوصلية والعبادية؟
فهناك ثلاث مسائل.
إذا عرفت هذه الجهات، فيتمحض البحث في تلك المسائل، ولا بأس بالإشارة إلى كل واحدة منها، مع ما يمكن أن يكون دليلا عليها.