وبالجملة: يتوجه إلى التقريب المزبور - مضافا إلى ما مر -: أن العلم المأخوذ في موضوع تلك الأدلة، لا يستلزم المحذور الذي لا يمكن حله كما عرفت، وأما العلم المأخوذ في متعلق الأحكام - حتى تكون الصلاة المعلوم وجوبها واجبة، وشرب الخمر المعلوم حرمته محرما، والصوم المعلوم حرمته حراما - فإنه في هذه الصورة والفرض، يلزم إشكال لا يندفع بما اندفع به في الفرض الأول، وذلك أن العلم المأخوذ يستلزم الدور، كما يأتي، ويمكن دفعه بما سيمر عليك (1).
ولكن يلزم منه أن يكون الحكم الواقعي والجدي تابع العلم، وهذه الصفة العرضية، وهذا خلاف المفروغ منه عند الإمامية، وخلاف الظاهر مما نسب إليه (صلى الله عليه وآله وسلم): " مامن شئ يقربكم إلى الجنة إلا وقد أمرتكم به... " (2).
وبالجملة: لا يلزم من أخذ العلم في المتعلق محذور عقلي، لإمكان كون العلم بالحكم الانشائي، موضوع الحكم الجدي والفعلي، فإن كان جزء الموضوع، فيكون الجزء الآخر هو الحكم الانشائي، ويصح أخذه حينئذ طريقا أو صفة، على الوجه الذي عرفته آنفا، ولا ينبغي الخلط (3).
وإن كان تمام الموضوع، يكون الحكم الانشائي متعلقا، والعلم موضوعا للحكم الجدي الفعلي.
نعم مع الأسف، إن هذا لا يتم في التجري، لما لا يكون هناك حكم إنشائي تعلق به علم المتجري، فإن المتجري يعلم بالصوم وحرمته، ولا يكون الصوم المعلومة حرمته مشروعا في الشريعة، لا فعليا، ولا إنشائيا.