وهم يتوجه إلى القائلين بانحلال الخطاب إلى الخطابات الشخصية الجزئية (1)، امتناع كون القانون محفوظ الإطلاق بالنسبة إلى صورة القطع وعدمه، ضرورة أن الجاهل كيف يشترك مع العالم في الحكم، مع أن توجيه الخطاب إلى الجاهل - في الامتناع - في حد توجيهه إلى العاجز والغافل؟!
فالإطلاق ممتنع في ذات الأدلة، وإذا امتنع الإطلاق امتنع التقييد، فيلزم مشكلة غير قابلة للحل، لأن الحكم وإن لم يكن بحسب المصالح والمفاسد متقيدا، ولكن لمكان امتناع توجيه الخطاب إلى الجاهل، يعجز المولى عن إيصال مرامه، وهو تكليف الجاهل، وتوجيه الخطاب الجدي إليه، وعندئذ إذا امتنع إطلاق القانون بالنسبة إلى الجاهل، امتنع التقييد بالقياس إلى العالم، لما سيأتي تفصيله في الصورة الثالثة من الصور، وهو أن التقييد يستلزم الدور (2).
وبالجملة: ما تخيله المتأخرون كلهم: من أنه في هذه الصورة لا يكون إشكال، لأن القطع يعد كاشفا وطريقا، ويكون الحكم متعلقا بموضوعه على إطلاقه، لعدم أخذ العلم قيدا لا للحكم، ولا في الموضوع، إنما هو في غير محله، لأن عدم أخذ المولى قيدا، يدل - حسب الظاهر - على سعة محبوبية المادة، واشتراك العالم والجاهل، ولكن تدخل العقل في المسألة لشبهة، يوجب أن تكون جميع القوانين مبتلية بمشكلة ذات شعبتين، وتصير النتيجة عدم إمكان وصول المولى إلى مرامه، لا إلى تكليف الجاهل، ولا إلى تكليف العالم.