لامتناع تحريمه، وأن الفعل المتجرى به يمتنع تحريمه، وهذا البحث وإن كان قليل الجدوى، إلا أنه لا بأس بالإشارة إلى شبهاته:
الشبهة الأولى: ما في " الكفاية " " إن الفعل المتجرى به أو المنقاد به - بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب - لا يكون اختياريا، فإن القاطع لا يقصده إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي، لا بعنوانه الطارئ الآلي. بل لا يكون غالبا بهذا العنوان مما يلتفت إليه، فكيف يكون من جهات الحسن أو القبح عقلا، ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعا؟! " (1) انتهى ما أردنا نقله.
وفيه أولا: نقض بأن لازم ذلك إما أن يكون شرب الماء فعلا غير اختياري، فيكون صادرا بلا اختيار، ولا إرادة، أو لا يكون صادرا، لا سبيل إلى الثاني، فإنه قد تحقق، فتعين الأول، وهو خلاف الوجدان.
وثانيا: أن حله بأن الشئ ما لم يجب لم يوجد، وما دام لم ينسد جميع الأعدام الممكنة لا يتحقق، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد وأن يصير قبل أن يوجد واجبا، وإذا كان واجبا فلا بد وأن يكون متشخصا، فإن الشئ ما لم يتشخص لم يوجد، والتشخص يساوي الجزئية والوجود ويخالفه بالاعتبار.
فعلى هذا، ما هو متعلق القدرة والإرادة والحركة، ليس إلا ما هو في الخارج، وأما العناوين الكلية فهي ربما تكون بعد التطبيق واقعية، وربما تكون خطأ وغير واقعية، وليس في جميع الحركات الإرادية تلك العناوين، مورد الإرادة والقدرة بالحمل الشائع، بل ما هو متعلق الإرادة والقدرة والاختيار، هو الذي ينسد باب أعدامه، وهو الذي يصير خارجيا، وهي الحركة التي انتهت إلى شرب الماء، وأما الأغراض والغايات وما لأجله الحركات، فكلها خارجة عن هذه المرحلة، كما لا يخفى على أهله.