التنبيه الثالث: حول الإشكال الناشئ من عدم حجية الخبر في الموضوعات قد اشتهر: " أن خبر الواحد حجة في الأحكام، دون الموضوعات " (1) فلو كان ذلك مورد الاجماع، أو المستفاد من الآثار والأخبار، فربما يشكل الأمر، لأن جميع الأخبار تكون إنباء عن الموضوعات، ضرورة أن أمثال زرارة والرواة الأولين، يروون قول الإمام (عليه السلام) وهو إخبار عن الموضوع، ولا يجوز الاتكال على خبر زرارة لو كان يخبر عن وجوب شئ، لاحتمال تخلل اجتهاده، فلو كان المخبر به حكما واقعا فلا حجية لخبره.
ولو كان المخبر به قوله (عليه السلام) فالقول من الموضوعات، وإخباره عن إخبار الإمام من الموضوعات، كسائر الوسائط، فإن الكل من الموضوعات، فلا يكون حجة إلا بالبينة، أو ما بحكمها، كالوثوق الشخصي، أو الاطمئنان الخاص، بناء على كفايته، فمسألة حجية الخبر الواحد تصبح بلا أثر أيضا.
أقول: نعم، إلا أن مقتضى دليل حجية الخبر الواحد، حجيته في مطلق الموضوعات، وخرج عن إطلاق السيرة خصوص الموضوعات الخاصة، فإخبار الرواة ولو كان موضوعا وإخبارا عنه، إلا أن المنظور من الأحكام ليس إلا ذلك.
وهذه الشبهة في الحقيقة إشكال على التعبير، وإلا فلا يضر بالمطلوب، ولذلك لو حكى زرارة عن الإمام (عليه السلام) ما يتعلق بموضوع من الموضوعات - كحدود عرفات ومنى، وحدود الحائر، وغير ذلك - يكون حجة عند القائلين بالحجية، مع