أهلا لا بد من مراعاتهم، ومراجعة كتبهم، والله هو الموفق.
وما في " الكفاية " هنا وهناك (1)، لا يخلو من تأسفات شديدة، ضرورة أن من له أدنى إلمام بالمسائل العقلية، لا ينبغي أن يخلط بين الذاتي الذي لا يعلل، وبين الشقاوة والسعادة التي هي من تبعات الوجود، ومن خصائص المواد والطبائع، حسب الانحراف عن جادة الاعتدال بالاختيار، فإن الطبيعة مخمورة، وتصير محجوبة حسب الاختيارات المنتهية إلى الآباء، أو الأمهات، أو أنفس الأولاد، فلا تكن من الغافلين، والحمد لله.
هل يستتبع الظلم العقاب بناء على استلزام القبيح للعقوبة؟
تتميم: هذا كله بناء على القول: بأن معنى استحقاق العقاب، هو استحقاق العقوبة جعالة، فإنه مما لا يتم، فلا تتم كبرى القياس المزبور: " وهي أن القبيح العقلي يستتبع استحقاق العقوبة " أو " الظلم يلازم ذلك ".
وأما إذا قلنا بانحصار العقوبة بلوازم الأفعال والأعمال، فالتجري مما لا يكون في ذاته عملا، وأما الفعل المتجرى به فسيأتي في المسألة الآتية توضيح حاله.
ولو قلنا: بأن العقوبة تكون من لوازم كل قبيح ولو لم يكن فعلا خارجيا، كالإرادة فإنها فيما تعلقت بالمتجرى به تكون قبيحة، ضرورة أن الإرادة اختيارية حسب ما تحرر، وتكون الإرادة المتعلقة بالحسن حسنة، وبالقبح قبيحة، وأن العبد في صورة التجري قد أوجد القبيح عقلا، وهي الإرادة، وتستتبع هذه الإرادة استحقاق العقاب والعقوبة.