والذي هو التحقيق: أن لازم التقريب المذكور، حجية مطلق الخبر، سواء كان المخبر عادلا، أو فاسقا، أو كافرا، أو امرأة فاحشة، أو غير ذلك، ثم بعد ذلك يلتزم بالتخصيص والتقييد، وهل ترى - بينك وبين ربك - أن هذه الآيات في هذه المواقف من العموم أو الإطلاق؟! أم هي آيات ترشد إلى لزوم هذه الأمور، من غير كونها بصدد الإطلاق؟ بل هي آيات ترشد إلى كفاية هذه المسائل، والواجبات الكفائية النظامية ربما تكون من المسائل الحكومية اللازم إجراؤها عند قيام حكومة عادلة، تحت عنوان وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهكذا.
وعلى كل تقدير: تختص الآيات بإشكالات، ولكن إحالة البحث إلى المطولات، أولى وأحسن.
ولو قيل: هذا الحث والترغيب الشديد، يقتضي حجية مطلق الخبر، وإذا لم يكن لها الإطلاق فالمقدار المتيقن منه هو حجية خبر العدل، وهو المطلوب (1).
قلنا: ليس الوثوق والاطمئنان الشخصي الحاصل من خبر العادل قليلا، حتى يكون الأخذ بالمقدار المتيقن منها نوع طرح لها، كي يستتبع حجية خبر العادل، لأنه القدر المتيقن ولو لم يحصل منه شئ، أو حصل منه الظن بخلافه.
بقي شئ: في بطلان الاحتجاج على الظنون الخاصة بالظواهر والأخبار إن المفاسد المترتبة على الظنون الخاصة كثيرة جدا، سواء كانت من المفاسد الدنيوية، أو الأخروية، فهل ترى من نفسك أن حجية هذه الظنون المستتبعة لتلك المفاسد، مرهونة بإطلاق دليل، أو مفهوم، أو ترجيح إرجاع قيد إلى المادة دون الهيئة، أو العكس، أو غير ذلك من المبادئ الاستنباطية؟
أم حجية تلك الظنون مع ما فيها من المفاسد، ليست مرهونة بهذه الأمور،