فإذا علم المكلف بالحكم الانشائي يصير فعليا منجزا في حقه، فيختلف الموقوف والموقوف عليه، فلا يكون دور.
وبالجملة: العلم بوجوده الواقعي، لا يتوقف على الحكم الفعلي بالضرورة، وما هو الموقوف عليه هي الصورة الذهنية، لأنه من الصفات ذات الإضافة.
ولكن مع ذلك كله، لا يلزم أن يكون المأخوذ في الدليل، هو العلم على وجه أن يكون تمام الموضوع، كما في " تهذيب الأصول " (1) بل يمكن أن يكون جزء الموضوع، بل وطريقا صرفا، إلا أن الجزء الآخر وذا الطريق هو الحكم الانشائي، وإذا حصل الموضوع والشرط - وهو العلم بالحكم الشأني - يصير الحكم فعليا، وترتفع غائلة الدور، ويختص الحكم بالعالم، من غير الحاجة إلى متمم الجعل والدليل الثاني غير المفيد، كما مر.
فتحصل لحد الآن: أن المقصود إن كان أخذ العلم بالحكم الفعلي الواقعي، علما مطابقا للواقع في موضوع ذلك الحكم، فهو محال، ولكن المنظور إليه هنا، هو أنه في الشريعة إذا كان الحكم مخصوصا بالعالم، فهل يعقل ويوجد وجه لتصحيحه، أم يطرح الخبر ولو كان ظاهرا في ذلك؟ وقضية ما ذكرنا إمكان ذاك، فلا يطرح الخبر، فليتدبر.
نقل مختار الوالد المحقق - مد ظله - ونقده اختار الوالد - مد ظله - أن العلم المأخوذ في الموضوع إن كان تمام الموضوع، فلا دور، لأن ما هو الموضوع حينئذ هو العلم، سواء صادف الواقع، أم خالف (2).