في الآية، لأهمية العلم ووجوب التبين في مورد الفاسق " (1) فإنه لو كان كذلك لكان أخذ عنوان " المجئ " في القضية الشرطية أيضا مثله.
ثالثها: التمسك بمفهوم الشرط مفهوم الشرط، وقد تحررت حجيته كبرويا في مباحث المفهوم (2)، وأما هنا فإنما الإشكال في صغراه، ضرورة أن المفهوم الحجة: هو المفهوم الذي يتصدى لنقيض الحكم المذكور في المنطوق، إيجابيا كان، أو سلبيا، فلو كان الحكم سلبيا، فلا بد من كون المفهوم ذا موضوع، ضرورة أن مقتضى قاعدة الفرعية، وجوب وجود الموضوع في القضايا الموجبة، وإذا كان المفهوم متصديا للحكم الإيجابي، فلا بد من وجود الموضوع له، وإذا كان المفهوم متصديا للحكم السلبي، كما نحن فيه، فلا بد أيضا من وجود الموضوع، حتى يصح اعتبار عدم الوجوب شرعا، وإلا فعدم الوجوب الشرعي، غير معقول بعد انتفاء الموضوع ذاتا، ويكون ذلك لغوا.
مثلا: إذا قيل: " إن رزقت ولدا فلا تختنه " فمفهومه إن لم ترزق اختنه، وهذا غير معقول، لأن إثبات الاختتان عند عدم الولد منع، وإيجابه غير ممكن. وهكذا إذا قيل: " إن رزقت ولدا فاختنه " لأن عند عدم الولد، لا معنى لاعتبار عدم وجوب الاختتان أو تحريمه، لأنه لغو واضح.
وفيما نحن فيه يكون مفهوم الآية من هذا القبيل، فإن مفهومها " إن لم يجئ الفاسق بالنبأ فلا تبينوه " ولا معنى لإيجاب عدم التبين أو تحريم التبين عند عدم وجود النبأ، لأنه من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع، أو هو من اللغو.
فما في كلام القول: " من أن حجية المفهوم هنا ممنوعة، لكونها من السالبة