القطع من التنجيز والتعذير.
فقيام هذه الأصول مقام القطع الطريقي المحض أو الموضوعي - سواء كان على صفة الطريقية، أو الصفتية - غير صحيح، ولكن قيامها مقامه لأجل الاعتبار الثالث - وهو نعت التنجيز والتعذير - جائز، كما مر في أوائل البحوث (1)، وأشرنا إليه أخيرا (2)، ويأتي من ذي قبل إن شاء الله تعالى (3).
وبالجملة: بهذا المعنى يترتب على مجرى القاعدتين، ما يترتب على القطع ولو بالواسطة أو الوسائط، فتدبر جيدا.
الجهة الثامنة: تقريب قيام الأصول العملية مقام القطع قضية ما سلف منا: أن ما اشتهر: " من أن القطع إما يكون طريقا، أو موضوعا، وعلى الثاني: إما يكون موضوعا على الطريقية، أو الصفتية " (4) غير تام، لأن من اعتبارات القطع المنجزية والمعذرية، التي تكون من تبعات الكاشفية والطريقية، وليست هي عينها.
ولأجل ذلك إذا كان القطع مأخوذا في الدليل بوصف منجزيته، يقوم مقامه الاحتمال الذي هو منجز في موارد مختلفة، إما عقلا، أو عرفا وشرعا، ولا يعقل قيام الاحتمال مقام القطع مع انحفاظ أنه احتمال، إلا فيما إذا كان القطع مأخوذا على هذه الجنبة والصفة، فلو ورد: " أن الخمر المعلومة حرام " يقوم مقامه احتمال الخمرية، بناء على كونه من الشبهات المهتم بها، وكان المراد من " العلم " صفة تنجيزه.