الجهة الرابعة: حول جعل الحجية للقطع ووجوب موافقته قد تعرض في " الدرر " مستقلا لأمر آخر: وهو أن القطع هل يقبل أن يتعلق به أمر المولى، أم لا؟ (1) ونحن نشير إلى محتملات المسألة، مع رعاية الاختصار:
فنقول تارة: يكون المجعول حكما وضعيا، وهي الحجية المتعلقة بذات القطع، وهذا ربما يكون باطلا، لأجل لزوم اللغوية، أو يكون باطلا لأجل اجتماع المثلين، بعد الفراغ من إمكان جعل الحجية.
وفيه: أن المراد من " الحجية " إن كان المعذرية، فقد عرفت إمكان جعلها، لما تحرر من إمكان الردع عن المعذرية، فلا لغوية، ولا اجتماع المثلين (2)، وهكذا إذا قلنا: بأن الردع عن العمل بإيجاب مخالفة القطع، يلازم نفي حجيته ومنجزيته، إلا أنه ممنوع كما أشرنا إليه.
ولكن لزوم اللغوية ممنوع مطلقا، لأجل أن الفرار عن اللغوية في جعل الحجية، لا ينحصر بترتب الأثر على المجعول بالذات، بل يكفي لو ترتب عليه الأثر لأجل أمر آخر، فإن الأخباريين القائلين بعدم حجية القطع، يرتدعون عن مقالتهم لأجل ما يدل على حجية القطع مطلقا، وهذا المقدار كاف كما لا يخفى.
وربما يشير إلى بعض ما ذكرناه، قوله (عليه السلام) في أخبار الاستصحاب: " ولكن ينقضه بيقين آخر " (3) ولو كان ذلك ممتنعا لكان الأمر بذلك غير جائز، وخلاف ظاهر، فاغتنم.