إذا تبينت هذه الأمور والأقوال بنحو الاجمال في مسألة منجزية العلم الاجمالي، فاعلم: أن تمام الكلام في المقام يقع في مرحلتين:
المرحلة الأولى فيما هو الحق في مسألة تنجيز العلم الاجمالي والذي تبين في البين: أن التفصيل بين العلم الاجمالي بوجود التكليف الإلزامي، وبين العلم الاجمالي بالحجة الفعلية (1)، ممكن لا بحسب الثبوت، بداهة أنه مع كون المفروض وجود الحكم الفعلي، أو مع كون المفروض ثبوت الحجة الفعلية، التي لا يتنازل الشرع عن واقعه إذا أصابت الحجة، لا يعقل الترخيص في أحد الأطراف، ولا في الشبهة البدوية.
فما قد يتراءى من كلام بعض من التفصيل، فهو يرجع إلى مقام الإثبات، بدعوى: أنه في الصورة الأولى لا يمكن أن تكون أدلة الأصول العملية، قرينة على عدم فعلية الحكم، لأنه خلف، ضرورة أن المفروض هو العلم الوجداني بالإرادة القطعية، وروح التكليف الإلهي.
وأما في الصورة الثانية، فيمكن أن تجعل تلك الأدلة قرينة على أن المولى قد تنازل عن الحكم، لأجل مصلحة التسهيل، فلا فعلية للحكم والإرادة التشريعية حينئذ.
فبالجملة: التفصيل بين الصورتين ثبوتا غير معقول. نعم على الوجه المزبور ممكن.