المقام الثاني في مرحلة الإثبات هل هذا الالتزام القلبي من الواجبات، حتى يكون الباني على ترك الواجب في وقته، تاركا لإحدى الواجبات الإلهية، أو من الأمور التي يستقل العقل بصحة العقوبة على تركها، أم لا؟
لا سبيل إلى وجوبه الشرعي، لعدم دليل يقتضيه. وتوهم أن طائفة من الأخبار (1) - المشتملة على أن الخلود في النار، معلول هذا الالتزام، والخلود في الجنة، معلول الالتزام بأن العبد إذا كان دائمي الوجود يكون دائمي الامتثال - تدل على وجوب هذا البناء، في غير محله، لأنه لو دلت فهو من الدلالة العقلية، كما لا يخفى.
وأما توهم: أن وجوب الالتزام وعقد القلب على امتثال التكاليف، وإطاعة الأوامر في ظرفها إلى الأبد، وهكذا النواهي الخاصة به، من المستقلات العقلية (2)، فقد مر في مباحث الأوامر والتجري: أن كون الأوامر الشرعية أوامر مولوية نفسية، محل المناقشة (3)، فإن العقل لا يدرك إلا وجود الملازمة بين النار والمحرمات وترك الواجبات، وبين الجنة والامتثال، وأما درك لزوم الطاعة، ولزوم شكر المنعم، ولزوم العبودية، فهو كله ممنوع، وتفصيله في مباحث التقليد.