بالحكومة الواقعية مما لا بأس به، ولكن الشأن أنه في موارد حجية الأمارات، لا يعتبر الظن النفساني، فلا يوجد أحيانا صفة حتى تنزل منزلة العلم، وتقوم مقامه بالضرورة. هذا إذا كان النظر إلى الظن الشخصي.
وأما إذا كان النظر إلى الظن النوعي، فيكفي دليل اعتبار الأمارة للتنزيل، ضرورة أن هذه الصفة أمر حاصل دائما، وهو لازم جعل الحجية.
مثلا: إذا كان موضوع التحريم " الخمر المعلومة بالعلم الصفتي " وورد دليل على " أن إخبار الثقة حجة وعلم " فلا يمكن التفكيك بين طريقية هذا العلم وصفتيته، لأن كل من قام عنده خبر الثقة على خمرية شئ، يكون متصفا بالعلم النوعي، وبهذه الصفة نوعا قهرا وطبعا، فيكون موضوع الدليل الأول محرزا وحاصلا، فتدبر جيدا.
وبعبارة أخرى: الأمر يدور مدار أمرين: إما يكون الدليل الثاني غير كاف أو يكون الدليل الأول كافيا، فإنه إن حصل من الأمارات ظن نفساني، وقام دليل على أنه علم فيكفي، وأما إذا لم يحصل ذلك الظن الشخصي، فلا يكفي الدليل الثاني.
وإن أريد من " الظن " المزبور النوعي منه، فيكون قوله: " الظن النوعي علم " كافيا لإفادة الحجية، ويكون حاكما على قوله: " لا تجوز الشهادة إلا مع العلم " (1) فلا حاجة إلى الدليل الثاني، والأمر بعد ذلك كله سهل، لقلة نفعه.
الجهة الخامسة: في قيام الاستصحاب مقام القطع أما القطع الطريقي المحض، فهو بما أنه منجز ومعذر، ويكون من الحجج العقلائية، يقوم مقامه الاستصحاب، سواء قلنا: إنه أمارة، أو كالأمارة، أو أصل