وأخرى: تكون المسألة مشهورة بين القدماء إلى عصر ابن إدريس مثلا، ثم بعد ذلك اشتهر خلافها بين المتوسطين إلى العصور المتأخرة، وهذه هي المقصودة بالبحث هنا، فهل هذه الشهرة مطلقا حجة (1)، أم مطلقا ليست بحجة (2)، أم الشهرة بين القدماء حجة دون المتأخرين (3)؟ وجوه واحتمالات.
أدلة حجية الشهرة والوجوه التي يتمسك بها لحجيتها في الجملة أو مطلقا كثيرة، نذكرها على إجمالها:
الوجه الأول: إذا كان الحكم مشهورا بين القدماء، وكان المخالف أحدهم، أو اثنين منهم، فتارة: تكون في المسألة رواية أو روايات دالة على خلافه، وتارة:
ليس فيها شئ:
فإن كان فيها شئ يحتمل كون المخالف النادر، متكئا ومتكلا عليه في الإفتاء، فبحكم العقلاء يستكشف هنا وجود شئ عندهم، كما في مورد الاجماع، لأن الخروج المزبور من بينهم، لا ينافي الكاشفية المذكورة، كخروج الإخبارات الكثيرة عن قاعدة أصالة عدم الخطأ والكذب في باب حجية خبر الثقة الكاشف عن السنة، بل الأمر هنا أوضح وأصوب.
وهكذا إذا كان يحتمل استناد ذلك الشاذ الخارج عن مسلكهم إلى القاعدة، لوجودها في مورد المسألة المشهورة.