وبالجملة: الفعل المتجرى به في الفرض الأخير، هي صلاة الجمعة إذا اعتقد حرمتها، ثم ارتكبها، أو صوم عاشوراء إذا اعتقد حرمته، ثم أتى به مثلا، فإنه يعد من الفعل المتجرى به لو كان الصوم فعلا.
وهذا الفعل المتجرى به لا يمكن تحريمه بالإطلاقات، لما لا يكون هناك إطلاق يشمل الواقع والتخيل، بخلاف الفعل المتجرى به في الفرض الأول، فإن إطلاق أدلة الواقع يمكن أن يشمل الخمر الواقعي والتخيلي، فلا يتم التقريب المزبور في أمثال هذه الفروض. بل في الفرض الأخير مطلقا، كما لا يخفى.
الوجه الثاني: مبتن على ما تقدم بطلانه: وهو أن الفعل المتجرى به قبيح، أو ذو مفسدة ملزمة، وكل قبيح يستلزم العقوبة، فيكون - بحكم الملازمة - حراما شرعا.
أو كل ذي مفسدة ملزمة ممنوع عقلا، وبحكم الملازمة ممنوع شرعا.
وقد مر فساد جميع هذه المقدمات بما لا مزيد عليه، حتى توهم: أن المتجرى به قبيح بعنوان " المتجرى به " وبهذه الحيثية، لأن قبحه يرجع إلى كونه ظلما، ولا معنى لكونه ظلما، كما عرفت توضيحه (1).